المجلس العربي – إسطنبول
الخميس – 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2025
أولًا: مقدمة عامة
عقد المجلس العربي ورشة عمل سياسية وحقوقية يوم الخميس 20 نوفمبر 2025 بمقر المجلس العربي في اسطنبول برئاسة الدكتور منصف المرزوقي رئيس المجلس ورئيس الجمهورية التونسية الأسبق بحضور خبراء سودانيون وعرب، لمناقشة الوضع المأساوي في السودان، واستشراف سبل إنهاء الحرب، وتعزيز التضامن العربي والدولي، ودعم الجهود القانونية والإعلامية والإنسانية لحماية المدنيين ووحدة الدولة السودانية.
ركزت الورشة على البعدين السياسي والإنساني للأزمة، وعلى التدخلات الخارجية التي فاقمت الصراع، وعلى ضرورة توثيق الجرائم ودعم مسار العدالة والمساءلة.
ثانيًا: القضايا التي نوقشت في الورشة
1. خطورة الوضع السياسي والعسكري في السودان
- السودان يعيش واحدة من أخطر اللحظات في تاريخه الحديث، مع حرب شاملة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
- أكدت المداخلات أن الحرب ليست مجرد صراع داخلي، بل جزء من مخطط واسع لتمزيق السودان وإضعافه وتهديد أمن الإقليم.
- التدخلات الخارجية، خاصة الإماراتية، تُعد عاملًا محوريًا في استمرار الحرب عبر التمويل والتسليح وتجنيد مليشيات المرتزقة، وإيجاد غطاء سياسي للتمرد.
- أوضح المتحدثون أن تقسيم السودان هو هدف واضح لقوى دولية وإقليمية، وأن وحدة السودان مسألة أمن قومي عربي وإفريقي.
2. الانتهاكات والجرائم واسعة النطاق
استعرض المتحدثون حجم الجرائم التي ارتُكبت، ومنها:
- قتل جماعي وقصف عشوائي على الأحياء المدنية.
- اغتصاب ممنهج للنساء والفتيات كأداة للحرب والإذلال.
- تجويع وحصار وقطع الإمدادات في مدن كبرى، خصوصًا في دارفور والفاشر.
- تدمير ممنهج للبنية التحتية: المستشفيات، الكهرباء، المياه، الجامعات، المصانع.
- النزوح الواسع: أكثر من 12 مليون نازح ولاجئ، و30 مليون بحاجة عاجلة للمساعدات.
- تفكك اجتماعي عميق، وارتفاع معدلات الصدمة النفسية، وفجوات عرقية وطبقية متزايدة.
وشددت الورشة على أن هذه الجرائم ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما يستوجب تحركًا قانونيًا عاجلًا.
3. البعد الإنساني والإغاثي
- الأزمة الإنسانية غير مسبوقة، وتفوق قدرات الدولة والمنظمات.
- أكثر من 70% من المستشفيات خارج الخدمة، وارتفاع معدلات سوء التغذية.
- وجود معسكرات نزوح في بيئات صحراوية قاسية، وانتشار أمراض خطيرة.
- ضعف التغطية الإعلامية أدى إلى تراجع المساعدات الدولية.
- تمت الإشارة إلى أن السودانيين يشعرون بأنهم “منسيون” عربيًا وإقليميًا مقارنة بأزمات أخرى.
4. الدور العربي والدولي الغائب أو السلبي
- إهمال عربي ودولي واضح للأزمة السودانية مقارنة بحجمها وخطورتها.
- ضعف التأثير الدبلوماسي وتجاهل الجرائم الموثقة في دارفور والفاشر.
- حاجة ملحة لموقف دولي رادع ضد الدول المتورطة في تسليح المليشيات.
- أهمية بناء حراك عربي ضاغط في الإعلام والمؤسسات الدولية.
5. أهمية المسار القانوني الدولي
تم التأكيد على:
- استثمار قرار مجلس الأمن 1593 الذي أحال دارفور للمحكمة الجنائية الدولية.
- إعداد ملفات توثيق احترافية تُقدّم إلى مكتب المدعي العام.
- ملاحقة قادة التمرد والداعمين الإقليميين عبر الولاية القضائية العالمية في المحاكم الأوروبية.
- الاستفادة من دور مجلس حقوق الإنسان والآليات الأممية للتقصي والمساءلة.
6. دور الإعلام في المعركة السودانية
- شدد المشاركون على ضعف الحضور الإعلامي السوداني محليًا وعالميًا.
- ضرورة بناء رواية سودانية قوية تُعرض للعالم بشكل منهجي ومهني.
- غياب الإعلام يُضعف فرص الدعم الإنساني، ويُعزز الروايات الداعمة للتمرد.
- أهمية الإعلام الرقمي وصناعة محتوى يستند إلى شهادات الناجين والصور الميدانية.
7. المستقبل السياسي للسودان
- لا استقرار دون تفكيك القوات المتمردة وإعادة بناء جيش وطني موحد.
- ضرورة إطلاق مسار عدالة انتقالية حقيقية مبني على الاعتراف والإنصاف والمصالحة.
- أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة، وعودة الحياة التعليمية والصحية والإدارية.
- الاتفاق على رؤية سياسية وطنية تمنع تكرار إنتاج أي قوة مسلحة خارج الدولة.
- التأكيد على أن الحل يجب أن يكون سودانيًا خالصًا، وأن أي اتفاقات تفرضها قوى خارجية ستزيد الأزمة تعقيدًا.
ثالثًا: التوصيات المُستخلصة من الورشة
أولًا: على المستوى السياسي
- التأكيد القاطع على وحدة السودان ورفض أي مشاريع للتقسيم أو فرض وقائع سياسية عبر السلاح.
- دعم الجيش السوداني والمؤسسات الشرعية في مواجهة التمرد المسلح.
- دعوة القوى السياسية والمدنية إلى توحيد الرؤية وتجاوز الخلافات الثانوية لصالح حماية الوطن.
- إطلاق تحرك عربي موحد لوقف التدخلات الخارجية التي تغذي الحرب.
ثانيًا: على المستوى القانوني
- إعداد ملفات توثيق وفق المعايير الدولية لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور والفاشر والخرطوم.
- تفعيل قرار مجلس الأمن 1593 لمحاسبة مرتكبي الجرائم.
- رفع دعاوى أمام المحاكم الأوروبية استنادًا لمبدأ الولاية القضائية العالمية ضد قادة التمرد والداعمين الإقليميين.
- التعاون مع هيئات الأمم المتحدة، وخاصة:
- لجنة التحقيق في دارفور
- الإجراءات الخاصة
- مجلس حقوق الإنسان
- مكتب المفوضية السامية
ثالثًا: على المستوى الإنساني
- إطلاق خطة إغاثية عربية عاجلة تشمل الأمن الغذائي، الصحة، المياه، التعليم، ومخيمات النزوح.
- مطالبة المؤسسات الدولية برفع مستوى الاستجابة الإنسانية للسودان.
- إنشاء صندوق دعم للنازحين يموله القطاع الأهلي ومنظمات المجتمع المدني.
- التركيز على الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء ضحايا العنف.
رابعًا: على المستوى الإعلامي
- إنشاء منصة إعلامية سودانية – عربية موحدة لنقل الحقيقة من الميدان.
- إنتاج محتوى رقمي موجه بلغات متعددة لتقديم الرواية السودانية إلى الإعلام العالمي.
- دعم السودانيين في الخارج لتأسيس شبكات ضغط إعلامي وسياسي.
- فضح الدور الخارجي في تأجيج الحرب بالأدلة والشهادات.
خامسًا: على مستوى الحراك الشعبي والديبلوماسية المجتمعية
- تنظيم حملات تضامن عربية ودولية لدعم السودان.
- تنسيق تظاهرات ووقفات أمام السفارات المعنية بتمويل الحرب.
- بناء تحالف من الجاليات السودانية والعربية لشرح القضية للرأي العام الدولي.
- تشجيع العمل المشترك بين منظمات المجتمع المدني السودانية والعربية والدولية.
رابعًا: الخلاصة العامة
خلصت الورشة إلى أن السودان يقف اليوم أمام لحظة مصيرية، وأن الحرب الحالية تشكل تهديدًا وجوديًا لوحدة الدولة واستقرار المنطقة. وأن وقف التمرد، ومحاكمة مرتكبي الجرائم، وإطلاق مسار سياسي وطني جامع، هي شروط أساسية لاستعادة الدولة وإنقاذ الشعب السوداني.
كما أكدت الورشة أن التضامن العربي ليس خيارًا، بل ضرورة استراتيجية وأخلاقية، وأن ما يواجهه السودان هو جزء من معركة أكبر تستهدف وحدة الدول العربية واستقرارها.

ورشة عمل حول الأزمة السودانية وسبل الخروج منها – المجلس العربي

ورشة عمل حول الأزمة السودانية وسبل الخروج منها – المجلس العربي

ورشة عمل حول الأزمة السودانية وسبل الخروج منها – المجلس العربي
المرفقات:


