مؤتمر عرب المستقبل – الورشة الاولى
السردية العربية للمستقبل: رؤية بديلة
منذ أن وعى العرب في العصر الحديث حالة التخلف التي كانوا عليها وحالة الضعف والانقسام التي ما زالو فيها، وهم يحاولون اللحاق بالمستقبل الذي يجري أمامهم كعربة سباق. وقد اجترحوا لهذه الغاية العديد من الرؤى والسرديات النظرية الكبرى التي ظنوا أنها ستجمع شتاتهم وتوحد طاقاتهم بما يخدم أهدافهم. فتحدثوا عن الجامعة الإسلامية حيناً، وعن الوحدة العربية حيناً، وعن دولة الخلافة حيناً ثالثاً.
لكنهم بعد حوالي مئة عام من هذه الأحاديث والطموحات لم يجدو إلا سراباً بقيعة. ووجدوا أنفسهم أمام مجموعة حقائق مفزعة من مظاهرها: انهيار شامل لدول وشعوب عربية كاملة، وانهيار للأمن القومي العربي، وغياب شبه تام للعرب في مختلف الميادين التي تصنع الحضارة. وأسوأ من ذلك كله انهيار المعنويات وتآكل النظام الأخلاقي لقطاع من الشعوب العربية، نتيجة للانتكاسة التي منيت بها آمالهم وطموحاتهم بعد الفشل الجزئي للربيع العربي ونجاح الثورات المضادة على وجه الخصوص.
فكان لا بد -والأمر على هذه الصورة- أن تفكر هذه الشعوب في رؤية وسردية جديدة للمستقبل تتلافى فيها أخطاء الماضي وعوائقه. وفي مقدمة تلك الأخطاء التفكير من زاوية الدول والأنظمة في وضع الحلول والنظريات لا من زاوية الشعوب نفسها.
لقد ثبت بصورة جلية وواضحة أن الأنظمة التي تسمى مجازاً عربية، هي العائق الأكبر أمام طموحات الشعوب العربية ومستقبلها. وأصبح لزاماً على هذه الشعوب وفي مقدمتها النخب السياسية والمثقفة الحاملة لهم التغيير أن تبدأ العمل على صياغة رؤية سردية جديدة للمستقبل العربي تنتمي بأهدافها وآلياتها ونتائجها لمصلحة هذه الشعوب نفسها.
وانطلاقاً من هذه الحاجة نتوقع من السادة المشاركين في هذه الورشة – وهم نخبة عربية مختارة – العمل على صياغة السيناريوهات الممكنة والمناسبة للسردية العربية البديلة في المستقبل، لعل المؤتمر يخرج بأفكار واضحة تصلح للترويج والحشد في أوساط الأمة في أدنى التوقعات.
ولعل نقطة الانطلاق في الصياغة تتمثل في تحيين جوابنا على الأسئلة التالية:
“من نحن؟”
عن أي “عربِ مستقبلٍ” نتحدث؟
ما الذي يجمعنا كشعوب في المجال العربي؟
بما يعنيه ذلك من اعادة النظر في مفهوم “الهوية”، ربما في اتجاه اعتماد هوية ديناميكية متعددة الطبقات، متنوعة كباقة ورد مكونة من مكونات عديدة أصلية لا أقليات، هوية جمعية تعترف بالحقوق الثقافية والدينية لكل مكونات “الأمة”، هوية مستقبلية مبنية على مشتركات اللغة الجامعة والثقافة الراسخة والحضارة الممتدة والمشروع المستقبلي الموحد.
وبالإضافة الى هذه الأسئلة الجوهرية، قامت الورشة بفتحَ نقاش عميق حول المحاور التالية:
- طبيعة السردية العربية البديلة (ماهيته).
- آليات هذه الرؤية والسردية المتوفرة والممكنة.
- ضمانات نجاحها في تحقيق أهدافها.
- مشكلاتها الأولية المتوقعة وكيفية حلها.
- معايير قياس النجاح والفشل وفق خطة زمنية مقترحة
