إن وثيقة العهد الديمقراطي تظل هي الوثيقة الأساسية والسياسية التي تهدف إلى تحقيق وتعزيز الديمقراطية والحرية والعدالة في ظل وجود أنظمة استبدادية طال أمدها في منطقتنا العربية وتحكم بالقوة والسلاح فقط وليس بمقداراتهم الفكرية أو السياسية أو الفلسفية أو المعرفية التي تمكنهم من إدارة شؤون الدول العربية السياسية والدبلوماسية والمصالح المشتركة مع العالم الخارجي والمنظمات الدولية دون تنازل أو هدر للموارد البشرية وتبديد الثروات وتقسيم الأوطان وهناك دول مثالاً على ذلك ،وهي الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان والمواطنة وحق الشعوب العربية المتطلعة للحرية والسلام والعدالة والديمقراطية فالتاريخ أثبت بان الأنظمة العسكرية الشمولية هي الأكثر تنازلاً عن مكتسبات الشعوب أو الداعمة لحرية الشعوب .

إن وثيقة العهد الديمقراطي لابد من أن تتضمن الحقوق والحريات والتعبير وحرية الرأي والصحافة والإعلام والتعليم المتطور والبحث العلمي لأن الأنظمة العسكرية الشمولية مسؤلة مسؤولية مباشرة عن تدني مستوى التعليم والفقر والجهل والأمية حتي مواكبة تحديات العصر الحديث من تكنولوجيا متقدمة وغيرها لأن الدول العربية تواجه ارتفاعاً كبيراً في عدد غير المتعلمين وخارج قاعات التدريس والتعليم لأن الأنظمة الشمولية لا تريد الارتقاء بمستوى التعليم لأنها تتخوف من ازدياد عدد المتعلمين الذين سيكوّنون نواة المجتمع المتعلم والمتحضر بالفكر والمعرفة الذي يهدد عروش سلطتهم .

فالموقف الثابت والمبدئي هو إقرار الديمقراطية كنظام للحكم في بلادنا العربية وتثبت أركانها والدفاع والنضال من اجل إقامتها والمحافظة عليها وبذلك ندعو إلى إقامة أنظمة سياسية ديمقراطية تقوم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة وذلك يتطلب وجود أحزاب سياسية تكون قادرة على حماية الديمقراطية التعددية.

وأيضاً لابد من الإقرار بالمساواة والسعي الى تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم السياسية والاجتماعية أو العرقية أو الدينية فهناك بلاد في وطننا العربي كالسودان مثالا الذي يعرف بتعدده الثقافي والديني والإثني لا يمكن ان يحكم الا بنظام ديمقراطي تعددي لان الأنظمة الشمولية العسكرية المتقلبة الرؤى والأفكار والأمزجة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن  الحروب التي تحدث بخطابات الكراهية والعنصرية التي تنتهجها أحياناً بدون إدراك أو وعي لخطورة تلك التصرفات والممارسات الخاطئة التي قد تكلفنا حرباً أهلية بين أبناء الوطن الواحد وربما تؤدي إلى تفكك البلاد والدولة والمجتمع .

وفي ظل الأنظمة الشمولية أو العسكرية المسيسة يكثر الحديث عن الفساد والشبكات الاقتصادية التي تزاوج بين العنف والإرهاب والقتل والتجارة فجل القادة العسكريين أعضاء في مجالس الشركات والبورصات وحجتهم بأنها تتبع لمنظومة الدفاعات الأمنية والعسكرية ولا تخضع للرقابة أو إشراف المراجع العام أو وزراة المالية ولكن في ظل الأنظمة الديموقراطية فالقانون هو نظام متكامل لحماية الدولة وإقرار الشفافية والمساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد في إدارة شؤون الدولة.

أخيراً هذه الوثيقة جزء من تطلعاتنا للتغير والإصلاح ووضع اللبنة الأولى للمسار الديمقراطي في منطقتنا العربية بالتحدي والإرادة والعزيمة والإصرار والصمود ووضع الأسس والحلول اللازمة لتحقيق حلمنا الحقيقي بالوصول إلى الدولة المدنية الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه بدولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي للسلطة.

نزار عبدالعزيز | سياسي وباحث سوداني

Share