يتابع المجلس العربي ببالغ الانشغال الأحداث الأمنية الخطيرة التي تعيشها سوريا على إثر تحركات منظمة لفلول النظام المجرم وما تلتها من اشتباكات مسلحة وعمليات قتل قد تكون طالت المئات من المدنيين العزل. كل هذا بالتوازي مع ما تتعرض له الثورة السورية من اعتداءات إسرائيلية متكررة في الجنوب وتهديدات في الشمال الشرقي.
وإن كنا نتفهم في المجلس العربي كل الصعوبات التي تواجهها السلطة الجديدة في فرض الأمن في مواجهة عصابات منظمة بتحريض خارجي استهدفت رجال الأمن وحتى مدنيين اُخذوا رهائن وقُتلوا دون أي رحمة، فإننا انطلاقا من مبادئ حقوق الانسان الثابتة نُدين بأشد العبارات ما تعرّض له مدنيون عزّل إبّان عملية إحلال الأمن في مدن وبلدات الساحل من ممارسات عنيفة ومن قتل خارج إطار القانون.
وبقدر ما نرحب بشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في الأحداث وبالمواقف الرسمية المُدينة لهذه التصرفات الهمجية، فإننا نُطالب السلطات ببذل قصارى الجهد لوضع حد لمنع تكرارها وإحالة مُرتكبيها على نفس القضاء الذي يجب أن يحاكم مجرمي العهد البائد، حيث لا فرق بالنسبة للضحايا هوية أو تبريرات القاتل.
إن حرصنا الشديد على نجاح الثورة السورية بما هي آخر شعلة في الربيع العربي يجعلنا حريصين على سمعة هذه الثورة المجيدة وصورتها التي تدنّسها مثل هذه الأفعال الشنيعة. فالأفواه التي سكتت دهرا عن فظاعات النظام المنهار التي طالت مئات الآلاف وتسبّبت في تشريد الملايين ها هي تنطق كفرا وقد تحرّكت فجأة انسانيتها النائمة لتصرخ بالاستنكار وكل أملها أن تتكرر هذه الأحداث لتبرر بصفة رجعية دعمها للنظام الوحشي المنهار.
إن المجلس العربي على ثقة أن القوى الحقوقية والديمقراطية في الوطن العربي والعالم بأسره لا تأمل شيئا قدر أملها في نجاح الثورة السورية واستقرار سوريا وازدهارها. لكن هذا النجاح يمر إجباريا بوحدة وطنية حقيقية، أي بمشاركة كل مكونات الشعب السوري وكل طاقاته المجتمعية في صياغة نظام سياسي مدني ديمقراطي تشاركي يبني دولة قانون ومؤسسات تكفل مواطنية حقيقية لكل مكونات الشعب السوري العظيم، وتمكّنه من رص الصفوف وتجنيد الطاقات لرفع تحديات الداخل المتمثل في إعادة اعمار البلاد ورفع تحديات الخارج وأساسا تهديد العدو الإسرائيلي ودول أخرى في الإقليم.
عن المجلس العربي
الرئيس منصف المرزوقي

Share