يدين المجلس العربي بأشد العبارات قصف مدرسة “التابعين” في حي الدرج شرق مدينة غزة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني بريء كانوا يلجؤون إلى المدرسة هربًا من العنف الدائر في المنطقة. لقد استهدف هذا الهجوم الوحشي مدرسة معروفة بأنها تأوي نازحين مدنيين، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويُعد جريمة حرب بموجب أحكام هذا القانون.

تجلى في هذا الهجوم الانتهاك الفاضح لمبدأ التمييز، الذي يلزم الأطراف المتحاربة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين. إن استهداف مدرسة “التابعين”، التي كانت ملاذًا آمنًا للمدنيين الفارين من النزاع، يمثل تعديًا مباشرًا على هذا المبدأ. علاوة على ذلك، انتهكت القوات الإسرائيلية مبدأ التناسب، حيث إن الخسائر البشرية الهائلة الناتجة عن الهجوم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون متناسبة مع أي فائدة عسكرية مزعومة، ما يجعل من هذا العمل جريمة لا تغتفر.

كما يُعد هذا الهجوم اعتداءً سافرًا على المنشآت التعليمية، التي تحظى بحماية خاصة بموجب اتفاقيات لاهاي وجنيف. فالمدارس تعد من الأعيان المدنية التي يجب حمايتها، ولا يجوز استهدافها إلا إذا ثبت استخدامها لأغراض عسكرية، وحتى في هذه الحالة، يجب اتخاذ كافة التدابير الممكنة لحماية المدنيين. في حالة مدرسة “التابعين”، لم تُقدم أي أدلة تبرر هذا الهجوم العنيف على المدنيين.

إن المجلس العربي يشدد على ضرورة توثيق هذه الجريمة بدقة من قبل المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان، ويدعو إلى إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف لضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه المجزرة. إن الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم يشجع على تكرارها، ويجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في ضمان تحقيق العدالة وحماية المدنيين.

وإذ يؤكد المجلس العربي التزامه الكامل بمبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، فإنه سيبذل قصارى جهوده في مكافحة الإفلات من العقاب وضمان تقديم المنتهكين إلى العدالة عن تلك المجزرة البشعة. لن ندخر أي جهد في السعي لتحقيق العدالة وضمان أن من ارتكبوا هذه الجرائم الفظيعة سيحاسبون أمام المحاكم الدولية والوطنية.

يدعو المجلس العربي المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لإدانة هذا الهجوم الوحشي وفرض العقوبات المناسبة على مرتكبيه. إن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ليست خيارًا، بل هي التزام قانوني وأخلاقي يجب على جميع الأطراف احترامه. إن ما حدث في مدرسة “التابعين” يمثل جرس إنذار للمجتمع الدولي بأسره، وندعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي.

رئيس المجلس العربي

د. منصف المرزوقي