في ظل استمرار  العدوان على قطاع غزة، والذي يترافق بأعمال قتل وإبادة جماعية للفلسطينيين وتدمير ممنهج وواسع النطاق للبنى التحتية والمباني السكنية، وعدم توقف تصريحات كبار المسؤولين والقادة في اسرائيل والصحفيين التي تدعو بشكل واضح وصريح إلى الانتقام من قطاع غزة وسكانه الفلسطينيين من خلال استهداف المدنيين وتدمير البنى التحتية. إذ أعلن رئيس الحكومة بيبي نتنياهو أن اسرائيل ستقضي على حركة “حماس”، فقال: “سنشلهم إلى حد الدمار، وسننتقم بقوة لهذا اليوم الأسود الذي جلبوه على دولة إسرائيل ومواطنيها، وسنحول كل الأماكن التي تختبئ فيها حماس وتعمل منها إلى مدن مدمرة، واوعز لسكان غزة بالخروج من القطاع، لأن قوات الاحتلال ستعمل في كل مكان وبكل ما لديها من قوة” وادت تلك الحرب العدوانية الى الان ل 22 ألفا و313 قتيلا فلسطينيا، بينما بلغ عدد المصابين 57 ألفا و296.[1]

كما وتمعن سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون في ارتكاب الجرائم الخطيرة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وبضمنها القدس المحتلة، مستغلين استمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث ازدادت حدة ووحشية هذه الجرائم المتمثلة بأعمال القتل العمد، والسطو على الممتلكات وتدميرها، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، وتقييد حرية الحركة، واعتراض سيارات الإسعاف، فيما تمثلت جرائم المستوطنين بالقتل العمد لعشرات الفلسطينيين، والتهجير القسري للسكان تحت التهديد بالسلاح، ومنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول على أراضيهم واستباحة ممتلكاتهم.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صرح  في 9/10/2023 عن فرض حصار شامل على غزة المحاصرة أصلاً منذ 2007، فقال: “لا غذاء، لا ماء، لا كهرباء، لا محروقات”، مضيفاً: “كل شيء مغلق، نحن نحارب حيوانات إنسانية، وسنتصرف على هذا الأساس”.[2] اللواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي غيورا  أيلاند “نحن بحاجة إلى قصف مستشفى الشفاء وتجويع سكان غزة”، وكان ينبغي فعل ذلك يوم السبت في 7/10/2023 السابعة صباحا”، مع بدء حماس هجومها على إسرائيل.[3] وأعلن وزير الطاقة عن حزب الليكود يسرائيل كاتس أنه “ليس هنالك مياه وكهرباء لسكان غزة بعد اليوم، هكذا يجب التعامل مع شعب من القتلة”.[4]

أفصح عدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية عن نيتهم تطهير قطاع غزة من الفلسطينيين وتهجيرهم قسراً إلى مصر أو الأردن، علماً بأن  70% منهم لاجئون، ممن هجروا قسراً من ديارهم خلال النكبة الفلسطينية عام 1948. فقد صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام الأجنبية صباح الثلاثاء في 10/10/2023 أنه يتعين على الفلسطينيين التوجه إلى مصر عبر معبر رفح، ودعا أمير ويتمان، زعيم التيار الليبرالي في حزب الليكود، إلى تنسيق دولي لنقل جميع سكان قطاع غزة،[5] فيما دعا رجال أعمال كبار إلى تدمير غزة وتسويتها بالأرض مع إعطاء فترة زمنية محدودة للأردن ومصر لإنقاذ حياة سكان غزة واستيعابهم في بلادهم”.[6]

وزيرة العدل الإسرائيلية سابقاً أييليت شاكيد التي تعتبر من أكبر المحرضين على الشعب الفلسطيني نشرت على حسابها الخاص  على الفيس بوك في 30 حزيران/يونيو 2014 مقالاً  لأوري التيسور يحض على تدمير فلسطين بما في ذلك مدنها وقراها وبنيتها التحتية، وإبادة كل الفلسطينيين بوصفهم اعداء، بما في ذلك الشيوخ والنساء، وقتل الأمهات الفلسطينيات، وتدمير منازلهن بدعوى أنهن يلدن “ثعابين صغيرة”، وهذا دليل واضح على تأييدها إبادة الفلسطينيين.[7]

الأبعاد القانونية

على الرغم من خطورة تصريحات القادة الإسرائيليين فيما يتعلق بالإبادة، ومنع شحنات الغذاء والمساعدات الإنسانية من الوصول إلى سكان غزة المنكوبين، وقطع إمدادات المياه عن غزة، تواصل الدول الغربية العمل بسياسة المعايير المزدوجة بتسليطها الضوء على الخسائر البشرية في إسرائيل، بينما تتجاهل ذكر المحنة الأليمة للمدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا وتشوهوا نتيجة الأعمال الانتقامية العسكرية الإسرائيلية العشوائية. إذ أصدرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بيانا مشتركا يدين علنا هجمات حماس، ويتعهد “بضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها”، مما يمنح إسرائيل، القوة المحتلة، تفويضا مطلقا باستخدام قوة عدوانية واسعة النطاق في جميع أنحاء قطاع غزة الذي نصف سكانه البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة هم من الأطفال.

كما تدعم الدول الغربية الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة باعتباره ممارسة لحق الدفاع عن النفس وهو أمر يجافي الحقيقة لأن إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية بالفعل بشكل عدواني، وتعمل إسرائيل على تعزيز نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحاول نقل الفلسطينيين قسراً من غزة من أجل الاستيلاء تدريجياً على المزيد والمزيد من أجزاء فلسطين التاريخية. تنتهك هذه الأفعال القواعد الآمرة للقانون الدولي وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب تتمثل في النقل القسري وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في التهجير والاضطهاد والفصل العنصري.

علاوة على ذلك، فإن الأعمال الإجرامية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي تشكل عقابا جماعيا محظورا في القانون الدولي لأنها تستهدف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بسبب أعمال سابقة منسوبة إلى حماس. إن أعمال القتل العمد والعقاب الجماعي تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة. من خلال فشلها في وقف الهجوم الحالي على قطاع غزة، تنتهك الدول الثالثة أيضا التزامها باحترام وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، وتساهم في دعم وإدامة حرب عدوانية على غزة، وتحرم الشعب الفلسطيني من حقه الجماعي في تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتفكيك الحكم الاستعماري الاستيطاني بنيل الاستقلال.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم الدول الثالثة بتوفير معدات عسكرية لاستخدامها في ارتكاب جرائم الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك “عمليات القتل العمد”،[8] والتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أذى خطير للجسم والصحة،[9] والتدمير على نطاق واسع[10] والتجويع المتعمد للمدنيين كأسلوب من أساليب الحرب من خلال حرمانهم من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة”.[11]

منذ عام 2007، فرضت إسرائيل حصارا جويا وبريا وبحريا على قطاع غزة، في عقاب جماعي لجميع سكانه. ويُعدّ القتال الحالي هو سادس عملية عسكرية كبرى تجريها إسرائيل والجماعات المسلحة المتمركزة في غزة منذ ذلك الحين. وفي يونيو/حزيران، نشرت منظمة العفو الدولية تحقيقها في هجوم مايو/أيار 2023 على قطاع غزة، وخلصت إلى أن إسرائيل دمرت منازل لفلسطينيين بشكل غير قانوني، دون ضرورة عسكرية في كثير من الأحيان، ما يرقى إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين. وقد ارتكبت القوات الإسرائيلية في غزة (وكذلك في الضفة الغربية وإسرائيل) أعمالًا يحظرها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين بهدف الحفاظ على نظام القمع والسيطرة على الفلسطينيين، مما يشكل جريمة الفصل العنصري ضد الإنسانية.[12]

وبينما كانت هناك انتقادات مؤخرًا لأولئك الذين يتخذون موقفًا مفاده أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، فإن تاريخًا طويلًا من دراسات حقوق الإنسان والتحليل القانوني يدعم هذا التأكيد. يفترض الباحثون البارزون في جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي وسلطات حقوق الإنسان أن سياسات إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني يمكن أن تشكل شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية. وتتراوح هذه السياسات بين القتل الجماعي وتهجير الفلسطينيين عام 1948، إلى نصف قرن من الاحتلال العسكري، والنظام القانوني التمييزي الذي يحكم الفلسطينيين، والهجمات العسكرية المتكررة على غزة، والتصريحات الإسرائيلية الرسمية التي تؤيد صراحة القضاء على الفلسطينيين.[13]

توضح تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن هذه هجمات انتقامية ضد المدنيين، وأمر بفرض “حصار كامل على قطاع غزة”. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيء مغلق. نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقًا لذلك”. وفي سياق الأمر بإخلاء شمال غزة، ذكر أيضًا أن الهدف هو “تغيير وجه الواقع في غزة بعد 50 عامًا”. واعترف متحدث باسم الجيش الإسرائيلي صراحة بأن إسرائيل، في القصف واسع النطاق لغزة تستهدف إلحاق أكبر قدر من الضرر، وتتوخى الدقة”، وقال مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه لوسائل الإعلام المحلية إن غزة ستتحول إلى “مدينة الخيام” في نهاية الحملة العسكرية. حتى أن الخبراء القانونيين أشاروا إلى أن هذه التصريحات تظهر نية الإبادة الجماعية لتدمير الفلسطينيين كمجموعة وطنية.[14]

تتنافى الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل ضد غزة بشكل مطلق مع القانون الإنساني الدولي، وهي تنتهك المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 بشأن الحظر المطلق للتجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وتحظر على المقاتلين “مهاجمة أو تدمير أو إزالة أو جعل الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، مثل المواد الغذائية. وتشير القاعدة 53 من القانون الإنساني الدولي العرفي إلى حظر التجويع باعتباره قاعدة عرفية في القانون الدولي. إن الحرمان من الإمدادات الأساسية اللازمة لبقاء السكان على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والمياه النظيفة، قد يرقى إلى مستوى جريمة حرب بموجب المادة 8 (2) (ب) (25) وجريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 (1) (ب)، و7 (2) (ب)، و7 (1) (ك) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.[15]

الدعوة التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي بقطع الغذاء والماء والإمدادات الأساسية اللازمة لبقاء الإنسان على قيد الحياة في منطقة محاصرة خاضعة للاحتلال وفي سياق هجمات واسعة النطاق ومنهجية ضد السكان المدنيين، قد تصل إلى عتبة “الإبادة” نظراً لنية الاحتلال في قطع المياه والغذاء والدواء والكهرباء عن غزة، وبالتالي فرض المجاعة بقصد إهلاك الفلسطينيين في غزة إهلاكاً كلياً أو جزئيا، أو قتلهم، أو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم، أو إخضاعهم عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً.[16]

ونظراً للدعوات التكميلية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي لتحويل غزة إلى “أنقاض”، فإن مثل هذا الهجوم الواسع النطاق والممنهج ضد السكان المدنيين قد يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، ويذكرنا بسياسة “الأرض المحروقة” التي طبقت في نورنبرغ. علاوة على ذلك، فإن اللغة اللاإنسانية التي يستخدمها وزير الدفاع الإسرائيلي، وهو وزير رفيع المستوى في الحكومة، واصفاً الشعب الفلسطيني بـ “الحيوانات البشرية”، هي بمثابة تعبير فاضح من القدح التحريضي، الذي يستخدم للحط من قدره وتشجيع ارتكاب الجرائم الدولية.

أفصحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي عن مخطط لتطهير قطاع غزة من الفلسطينيين وتهجيرهم قسراً إلى مصر أو الأردن، علماً بأن  70% منهم لاجئون، ممن هجروا قسراً من ديارهم خلال النكبة الفلسطينية عام 1948. فقد صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام الأجنبية صباح الثلاثاء في 10/10/2023 أنه يتعين على الفلسطينيين، بما فيهم أكثر من مليون طفل، التوجه إلى مصر عبر معبر رفح.  وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أمر جيش الاحتلال الاسرائيلي أكثر من مليون فلسطيني بمغادرة منازلهم في شمال قطاع غزة والتوجه إلى وسط وجنوب قطاع غزة حيث رفح وخان يونس ودير البلح والنصيرات والمغازي والبريج. وقد اعتبرت منظمات حقوق انسان فلسطينية ودولية هذا الأمر غير شرعي لأنه يستهدف تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسراً وتقريبهم من الحدود مع مصر ،حيث لم توقف إسرائيل منذ ذلك الوقت قصف قطاع غزة بأكمله جواً وبرا وبحراً، وبلا هوادة، بما في ذلك المناطق الجنوبية، حيث لجأ معظم الفلسطينيين، مما يعني أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، ويدلل على نية واضحة للاحتلال بمحو القطاع وتطهيره من الفلسطينيين عبر مواصلة جرائم القتل والتدمير والتهجير ووضع السكان في ظروف معيشية صعبة تصل إلى عتبة الإبادة الجزئية أو الكلية.[17] تشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.5 مليون شخص في غزة باتوا مهجرين. ومن بين هؤلاء 813,000 مهجر يلتمسون المأوى في 154 مركز إيواء تابع للأونروا. وتستوعب مراكز الايواء التابعة للأونروا أشخاصًا تفوق عن قدرتها الاستيعابية المقررة بكثير. ويؤدي الاكتظاظ إلى انتشار الأمراض، بما فيها أمراض الجهاز التنفسي الحادة والإسهال، مما يثير شواغل بيئية وصحية ويؤثر على قدرة الوكالة على ضمان تقديم خدمات فعالة وفي الوقت المطلوب.[18]

وقد أستهدف القصف الاسرائيل المستشفيات والمراكز والطواقم الطبية وسيارات الإسعاف والمدارس ودور العبادة، حيث تفيد التقارير بتضرر 300 مدرسة ومنشأة تعليمية، واستهداف 135 منشأة طبية، مما أدى إلى خروج 25 مستشفى و 52 مركز طبي عن الخدمة، وتضرر 55 سيارة اسعاف، فيما طلبت قوات الاحتلال الإسرائيلي إخلاء كافة المستشفيات الكائنة في مدينة غزة وفي شمال قطاع غزة وعددها 13 مستشفى. كما تم قصف 3 كنائس و74 مسجداً، وتدمير 11 فرناً تنتج الخبز.[19] أفادت  منظمة الصحة العالمية أن 521 شخصا على الأقل، بينهم 16 عاملا طبيا، قُتلوا في 137 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في غزة حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني. هذه الهجمات، إلى جانب قرارات إسرائيل قطع الكهرباء والمياه وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، تعيق بشدة إمكانية الحصول على الرعاية الصحية. وجدت الأمم المتحدة حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني أن ثلثي مرافق الرعاية الأولية ونصف المستشفيات في غزة لا تعمل في حين تتعامل الطواقم الطبية مع أعداد غير مسبوقة من المصابين بجروح خطيرة. نفدت الأدوية والمعدات الأساسية من المستشفيات، وقال الأطباء لـ هيومن رايتس ووتش إنهم اضطروا إلى إجراء عمليات دون تخدير واستخدام الخل كمطهر.[20] قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن هجمات الجيش الاسرائيلي المتكررة، وغير القانونية على ما يبدو، على المرافق، والطواقم، ووسائل النقل الطبية تمعن في تدمير نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة ويجب التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. على الرغم من ادعاءات الجيش الإسرائيلي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بشأن “استخدام حماس المستخف للمستشفيات”، إلا أنه لم يتم تقديم أي دليل يبرر حرمان المستشفيات وسيارات الإسعاف من وضعها المحمي بموجب القانون الإنساني الدولي.[21]

أن قطع المياه والكهرباء والإنترنت عن غزة، ومنع دخول القوافل الإنسانية المحملة بالأغذية والأدوية وغيرها من الإمدادات الضرورية إلى قطاع غزة لبقاء السكان أن إسرائيل تتخذ خطوات عملية لتنفيذ تصريحاتها بشأن الإبادة الجماعية للفلسطينيين من خلال أيا من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدميرهم، كليا أو جزئيا، كمجموعة قومية، من خلال القتل؛ التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير؛ فرض ظروف معيشية عليهم عمداً بقصد تدميرهم المادي كلياً أو جزئياً. ويبدو أن إسرائيل تتعمد من خلال حصارها لقطاع غزة وقصفه بشكل وحشي وعشوائي وإلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية وتدمير البنية التحتية وفرض ظروف معيشية على الشعب الفلسطيني إلى تدميره مادياً بشكل جزئي أو كلي.[22] في ضوء ما سبق، يمكن الاستدلال بأن الدعوات الانتقامية التي يكررها المسؤولون الإسرائيليون منذ بدء الحرب على غزة، وبضمنها تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تحويل غزة إلى أنقاض، وتصريح وزير الدفاع بقطع الغذاء والماء والكهرباء وسائر والإمدادات الأساسية اللازمة لبقاء الإنسان على قيد الحياة في منطقة خاضعة بالأصل لحصار ظالم منذ عام 2007، وتتعرض باستمرار إلى هجمات عسكرية شرسة تستهدف السكان المدنيين، قد تصل إلى عتبة جريمة الإبادة نظراً إلى نية الاحتلال الواضحة في معاقبة سكان غزة بحرمانهم من كافة المستلزمات الأساسية، أو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم، أو إخضاعهم عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكهم كلياً أو جزئياً.[23]

توصيات:

يدين المجلس العربي بشدة العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والمجازر العشوائية بحق المدنيين، والتدمير الواسع النطاق والممنهج للأعيان المدنية، الذي يعد انتهاكًا للقانون الدولي وقد يُصنَّف كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويُرقى إلى مستوى جريمة الإبادة. يحذر من استمرار الهجمات المكثفة والعشوائية على مناطق غزة المكتظة بالسكان، وينوه بالإغلاق الكامل وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والدواء، الأمر الذي يشكل انتهاكًا لحقوق الصحة والحياة لنحو 2.2 مليون شخص في غزة. وبناءً على ذلك، يوصي بإدانة الأفعال الإجرامية للجيش الإسرائيلي، وتحقيق اتفاقية جنيف الرابعة، وضرورة تحميل المجتمع الدولي مسؤولياته في وقف الهجوم وضمان احترام القانون الإنساني الدولي. يشدد على فشل المجتمع الدولي في وقف التصعيد، مما يسهم في دعم الحرب العدوانية على غزة ويحرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير ونيل الاستقلال وعليه فإنه يطالب :

المجتمع الدولي ينبغي أن يدين بشدة الهجمات الانتقامية العسكرية الإسرائيلية العشوائية ضد المدنيين الفلسطينيين والأهداف المدنية في غزة، ويجب عليه التدخل فوراً لحماية الشعب الفلسطيني، والعمل على وقف تحريض إسرائيل على الإبادة الجماعية للفلسطينيين.

علينا ممارسة ضغط قوي على إسرائيل، القوة الاحتلال، للامتثال للتزاماتها وفقًا للقانون الدولي، بما في ذلك ضمان وصول الإمدادات الحيوية من المياه والغاز والوقود والكهرباء والإمدادات الأساسية للفلسطينيين في غزة. يجب أيضًا وقف أي هجوم على المدنيين والمرافق المدنية. ويتحمل القادة الأمريكيين والأوروبيين مسؤولية محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي.

على إسرائيل أن تعالج الأسباب الجذرية للعنف من خلال إنهاء مشروع الاستيطان الإسرائيلي وقمع الشعب الفلسطيني. يجب على الجيش الإسرائيلي الانسحاب الكامل وغير المشروط فوراً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وينبغي للاتحاد الأوروبي التدخل لضمان تفكيك نظام الفصل العنصري التمييزي.

يجب على إسرائيل فتح ممرات آمنة عاجلاً للسماح بدخول الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك الوقود والإمدادات الطبية والغذائية، وضمان حقوق السكان في الحصول على المياه والكهرباء.

المجتمع الدولي ينبغي عليه التدخل بفعالية لوقف عمليات القتل والتجويع والتهجير في غزة، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي. يتوجب أيضًا التدخل السريع لحماية المدنيين الفلسطينيين وضمان توفير الإمدادات الطبية والإغاثة والوقود.

ينبغي على المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية التحقيق في جرائم إسرائيل، بما في ذلك الاستهداف العشوائي للمدنيين والمنشآت المدنية. وعلى الدول الثالثة تجنب المساعدة في الحفاظ على الوضع غير القانوني ووقف إرسال المعدات العسكرية إلى إسرائيل.

على إسرائيل الالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك مبادئ التناسب والتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية وعدم العقوبة الجماعية والانتقام والتهجير. كما يجب على الجماعات الفلسطينية الالتزام بحماية المدنيين والإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق الصواريخ العشوائية.

ينبغي أن يبقى مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في حالة تأهب للتحقيق في أي جرائم دولية قد ترتكب.

المجتمع الدولي يجب أن يتدخل عاجلاً لضمان استمرار تقديم المساعدة الإنسانية وحمايتها لضمان بقاء السكان المدنيين في غزة على قيد الحياة.

سلطة الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تتوقف فوراً عن إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفًا، خاصة النساء والأطفال وحديثي الولادة.

يجب على سلطة الاحتلال الإسرائيلي التوقف عن استهداف المدارس والمستشفيات وبنية التحتية. كما يتعين على المجتمع الدولي التحقيق في الهجمات الإسرائيلية غير القانونية ومحاسبة المسؤولين.

الدول الأطراف في الاتفاقيات الموقعة يجب أن تتخذ إجراءات قانونية ضد إسرائيل أمام المحكمة الدولية، ويجب على إسرائيل دفع تعويضات مالية للأضرار التي سببها، بما في ذلك تدمير الممتلكات وفقدان الأرواح والتشريد.

Share