جنيف، في 10ديسمبر 2023

يأتي هذا التقرير بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان وذلك في سياق رصد المجلس العربي لحالة حقوق الانسان في البلدان العربية، وهو يسلط الضوء على الانتهاكات الخطيرة لحرية التعبير في تونس وليبيا ومصر وسوريا والبحرين واليمن والسعودية والمغرب وفلسطين. وقد أعد التقرير من قبل باحثي المجلس العربي، وهو يستند بشكل خاص إلى بيانات ومعلومات تضمنتها تقارير منظمات حقوق الانسان العربية والدولية بشأن الانتهاكات التي تمارسها حكومات هذه البلدان لحرية التعبير عن الرأي.

كما و يستند الى المؤشرات التالية : حرية الرأي والتعبير – حرية الصحافة – تكوين الجمعيات – التجمع السلمي – التظاهر – حرية التدوين على الانترنت – استخدام وسائل التواصل الاجتماعي – الانتخابات – التضييق على ناشطي حقوق الانسان – حرية العمل الحقوقي.

كما وخرج بالتحليل القانوني التالي:
1. تنتهج معظم الحكومات العربية سياسات تتمثل بقمع حرية التعبير عن الرأي بشكل مناف لأبسط المعايير الدولية لحقوق الانسان التي تكفل حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها اليها والمكفولة بموجب الشرعة الدولية لحقوق الانسان ومختلف المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
2. ترتكب الحكومات العربية موضوع هذا البلاغ، وإن كان بدرجات متفاوتة من حيث الخطورة، انتهاكات صارخة للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي تكفل حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود. كما تنهتك هذه الحكومات المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق كل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة، وعلى الحق في حرية التعبير الذي يشمل حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها، مع التأكيد على جواز إخضاع هذا الحق لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
3. بانتهاجها هذه السياسات التي تنطوي على انتهاكات جسيمة لحرية الأشخاص في التعبير عن الرأي، تمعن حكومات الدول التي يستهدفها هذا البلاغ فرض قيود شديدة على ممارسة الأفراد لحقهم في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها المكفولة في المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تكفل لكل شخص حق تكوين الجمعيات والاشتراك الاجتماعات والجمعيات السلمية، والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على حق التجمع السلمي، وتمنع تقييد هذا الحق باستثناء التدابير التي يسمح بها القانون في مجتمع ديمقراطي، وذلك بهدف صيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
4. تنطوي سياسات الحكومات العربية، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية والبحرين، بشأن القيود المفروضة على حرية التعبير عن الرأي، وما يترتب على ذلك من عقوبات جسيمة، تصل إلى حد عقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة، واستهداف المجتمع المدني وبضمنها الجمعيات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الانسان على انتهاكات جسيمة لالتزاماتها الدولية لحقوق الانسان، وبشكل خاص تلك المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تحظر فرض أية قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
5. حرية التعبير وتكوين الجمعيات والمشاركة في احتجاج سلمي هي حق أساسي لكل انسان، وليست جريمة، وبالتالي فأن قمع الحكومات العربية، وبشكل خاص السعودية والبحرين وسوريا لحرية الرأي والتعبير، بما في ذلك، المشاركة في الاحتجاجات السلمية واعتقال المتظاهرين السلميين بشكل تعسفي، وإبقائهم محتجزين لسنوات دون تقديمهم لمحاكمة عادلة، إنما يبرهن على ازدرائها التام لحقوق الإنسان، ويظهر استخفافاً صارخا بالحق في حرية التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي.
6. يتعين على الحكومات العربية التي يستهدفها البلاغ وقف هذه الممارسات التعسفية والإيفاء بالتزاماتها بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل حرية الأفراد في التعبير عن الرأي باستخدام كافة الوسائل وتكوين الجمعيات وتنظيم التجمعات السلمية والمشاركة فيها. ويتوجب على حكومات هذه البلدان وقف أفعال القمع والانتقام ولاعتداءات الوحشية على من يمارس حقه فيس التعبير عن الرأي، وبضمنهم المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المستقلة، ووقف العمل بسياسة التحقيقات الجنائية غير القانونية والمنافية لحقوق الانسان، والاحتجاز التعسفي، والاستدعاء للاستجواب القسري، والتهديد بإغلاق المنظمات المستقلة، وحظر السفر، وغير ذلك من الإجراءات التقييدية التي تقصي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان عن أخذ دورها في المساهمة في بناء مجتمع ديمقراطي قائم على سيادة القانون واحترام حقوق الانسان.
7. تعتبر الملاحقات والمضايقات التي تنتهجها الحومات العربية ضد المعارضة السياسية والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان ممن يمارسون حقهم المشروع في التعبير عن الرأي بقصد ترهيبهم واسكاتهم من خلال حملات الاعتقال التعسفي واسعة النطاق، واحتجاز المعتقلين لفترات طويلة دون مثولهم أمام القضاء، وإنزال عقوبة الإعدام بهم كما هو الحال في السعودية والبحرين، والقتل خارج نطاق القضاء كما هو شائع في سوريا، انتهاكاً صارخاً لحق كل فرد في التعبير عن الرأي، وفي أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، بشكل منصف وعلني، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه كما تنص على ذلك المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص بما في ذلك على أنه:
1. الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون.
2. حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا.
3. يتمتع المتهم بجريمة أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
● يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها؛
● أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه
● أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له؛
● أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر؛
● أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام.
كما وخرج بالتوصيات التالية:
● الطلب من الحكومات العربية اتخاذ تدابير فورية وفعالة من أجل الوفاء بالتزاماتها الدولية باحترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
● الطلب من الحكومات العربية، وخاصة السعودية والبحرين وسوريا احترام حرية التعبير والصحافة وحق التظاهر السلمي بما يتوافق مع التزاماتها المكرسة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، بما في ذلك التعبير التي تشمل التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
● الطلب من الحكومات العربية الالتزام باحترام حرية التماس المعلومات وتداولها عبر الإنترنت، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات والتظاهر، ودعم مجتمع مدني حر ونشط.
● الطلب من الحومات العربية، خاصة السعودية وسوريا والبحرين، إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية ممارسة حقهم في حرية التعبير، وتحمل القضاء مسؤولية حماية حق المواطنين في التعبير عن الرأي والمشاركة السياسية بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الانسان دون أية مضايقة أو ترهيب باعتباره حقوقا دستورية مقدسة، وإزالة أسماء جميع المدافعين عن حقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني من قوائم الإرهاب فوراً، ووقف هذه الممارسات التعسفية والانتقامية الرامية إلى لتنكيل بهم، وقمع حريتهم في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي وتكوين الوفي الجمعيات.
● الطلب من الحكومات العربية، وبشكل خاص السعودية والبحرين وسوريا، إبطال جميع الأحكام التعسفية والظالمة الصادرة بحق الأفراد جراء ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير، بما في ذلك جميع الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإلغاء حظر الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، والكف عن تقييد الحيز المتاح للمجتمع المدني دون داع، بما في ذلك من خلال تجميد الأصول وحظر السفر وفترات طويلة من الحبس الاحتياطي وتزايد عدد الاعتقالات.
● الطلب من الحكومات العربية تضمن مبدأ حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي في متن تشريعاتها الوطنية بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، وتسهيل عمل المجتمع المدني من خلال تعديل التشريعات التقييدية ذات الصلة.
● الطلب من الحكومات العربية اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان الوصول إلى العدالة والإجراءات القانونية الواجبة لجميع الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم جنائية بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير، بما في ذلك الوصول إلى محام والمساعدة، وتعزيز الإجراءات الجنائية من أجل حماية الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة.
● الطلب من الحكومات العربية، خاصة سوريا والسعودية والبحرين، دعوة أكبر عدد من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، وتسهيل زيارتهم إلى هذه الدول، وعقد لقاءات مع الجهات الرسمية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الانسان، والنشطاء السياسيين والحقوقيين، للوقوف على أوضاع حقوق الانسان وحرية التعبير في هذه الدول.
● الطلب من الحكومات العربية، خاصة السعودية وسوريا والبحرين، وقف جميع أشكال التخويف أو الانتقام ضد من يتعاونون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات لحظر أعمال الترهيب والانتقام والتحقيق فيها ضد أولئك الذين يتعاملون مع الأمم المتحدة والأنظمة الإقليمية لحقوق الإنسان، ومحاسبة جميع الجناة.

مؤسسة المجلس العربي

Arab Council Foundation – foundation under Swiss law

Share