في توصيات الورشة الفكرية التي نظّمها المجلس العربي في مؤتمر التحول الديمقراطي في العالم العربي.. خارطة طريق، حرص المشاركون على الأخذ بعين الاعتبار أن معظم الدول العربية لا تملك نظامًا سياسيًا موحدًا، كما أن تجاربها الديمقراطية متفاوتة ومتباينة، ما استدعى أن ترتكز التوصيات على تجاوز هذه الفروقات القانونية والسياسية لصالح رؤية شاملة تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
نشر ثقافة الديمقراطية ومحاربة الاستبداد
انطلقت التوصيات من الهدف الجوهري المتمثل في السعي لبناء دول ديمقراطية تُحترم فيها حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع والتنظيم، وحرية المعتقد. ويتطلب هذا بالضرورة العمل على نشر ثقافة الديمقراطية والتصدي للقيم والسياسات والممارسات التي تقوضها، بما في ذلك التمييز والتعصب، إلى جانب محاربة ثقافة الاستبداد السائدة في عدد من المجتمعات العربية.
كما أكدت التوصيات على أهمية الوقوف في وجه السياسات التي تعزز الاستبداد أو تؤدي إلى إقصاء الأفراد والجماعات سياسيًا وثقافيًا واجتماعيًا.
الالتزام بالمبادئ الديمقراطية الأساسية
لا يمكن بناء مسار ديمقراطي حقيقي دون الالتزام الصارم بالمبادئ والقيم التي تشكل جوهر النظام الديمقراطي، وفي مقدمتها:
-
التعددية السياسية.
-
الفصل بين السلطات.
-
إجراء انتخابات نزيهة وعادلة.
-
احترام حقوق الإنسان.
-
تعزيز المشاركة الشعبية.
وقد شددت الورشة على أن المشاركة لا ينبغي أن تقتصر على الانتخابات فقط، بل يجب أن تمتد إلى عملية صناعة القرار السياسي ورسم السياسات العامة.
نموذج ديمقراطي يراعي الخصوصيات الثقافية
دعت الورشة إلى تبني نموذج ديمقراطي يتناسب مع الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات العربية، ويقوم على قبول الآخر، وإدارة الاختلاف الفكري والسياسي بشكل بنّاء، بعيدًا عن الانقسام والصراع. يجب أن يتحول الاختلاف إلى عنصر قوة وإثراء، لا إلى أداة للتفتيت والتقسيم.
دور القوى الديمقراطية في تعزيز المسار
ركزت التوصيات على دور القوى الديمقراطية والسياسية في إرساء قواعد الديمقراطية، وذلك من خلال:
-
ممارسة الديمقراطية داخل مؤسساتها وآلياتها التنظيمية.
-
الالتزام بمبدأ التداول السلمي للسلطة.
-
احترام التنوع والاختلاف.
-
تجنب الانجرار وراء الرغبة في الهيمنة أو السلطة بأي ثمن.
-
دعم الاستقامة الفكرية والسياسية في العمل اليومي.
وأكدت الورشة أن على القوى الديمقراطية أيضًا مسؤولية بناء الثقة بالآليات الديمقراطية، والمساهمة في تصحيح المسار من الداخل عبر السياسات الوطنية، بما يمنع أي اختراق خارجي أو استغلال للثغرات السياسية.
الربط بين التحول الديمقراطي والتنمية الشاملة
رغم أن الطابع الفكري للورشة كان مركّزًا على البعد السياسي، إلا أن المشاركين شددوا على ضرورة عدم إغفال مسار التنمية الاقتصادية والثقافية بالتوازي مع المسار الديمقراطي. فلا يمكن للديمقراطية أن تترسخ في بيئات فقيرة تعاني من التهميش أو في مناخات يغيب عنها الوعي الثقافي.
مقترحات عملية لتعزيز الديمقراطية
خرجت الورشة بجملة من التوصيات العملية، من أبرزها:
-
إنشاء جامعة صيفية أو شتوية لمناقشة قضايا التحول الديمقراطي والانتقال السياسي.
-
دعم إنشاء مؤشر عربي للديمقراطية يرصد مدى التزام الدول العربية بالتحول الديمقراطي، ويشكّل أداة تقييم وتحفيز.