الإعلام هو أداة لنقل الرسائل، وهذه الرسائل هي التي تشكّل وعي الأفراد، والوعي بدوره ينعكس على سلوك المجتمعات. هذا التسلسل الذي يبدو بسيطًا في ظاهره كان محور النقاش في الورشة الإعلامية التي نظمها المجلس العربي، حيث أظهرت النقاشات حاجةً ملحّة لإعادة التفكير في الدور الذي يلعبه الإعلام في تعزيز الديمقراطية.
الإعلام العربي والديمقراطية: مقاربة سطحية
من خلال قراءة سريعة للمشهد الإعلامي العربي، تبيّن أن أغلب الخطاب الإعلامي يركّز على الديمقراطية من منظور سياسي فقط، متجاهلًا جوانبها الثقافية والاجتماعية والتربوية. وقد تم التأكيد على الحاجة الحقيقية لإنتاج محتوى إعلامي يساهم في ترسيخ الفكر والثقافة الديمقراطية في مختلف فئات المجتمع، بدءًا من الأسرة، إلى المدارس، والجامعات، والفضاءات العامة.
التربية الديمقراطية تبدأ من الطفولة
تم التطرق إلى أهمية نقل الثقافة الديمقراطية إلى الأبناء، من خلال تشجيع الحوار داخل الأسرة، وتعزيز حرية التعبير منذ الصغر، وترسيخ مفاهيم مثل انتخابات رئيس الفصل، والمشاركة في الأندية الطلابية، والأنشطة الاجتماعية، كوسائل لترسيخ قيم المشاركة، والتفاعل، وقبول الآخر.
توظيف التكنولوجيا في دعم الرسالة الإعلامية الديمقراطية
أحد المحاور الرئيسية في الورشة تناول أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة لإنتاج محتوى إعلامي داعم للديمقراطية، من حيث:
-
كتابة المحتوى بطريقة جذابة.
-
استخدام أدوات العرض الحديثة.
-
فهم طريقة عمل الخوارزميات على منصات التواصل الاجتماعي.
-
تنظيم دورات تدريبية ولقاءات لتبادل الخبرات بين الإعلاميين ووسائل الإعلام.
تجاوز الانطباعات السلبية للوصول إلى الجمهور
بعد الربيع العربي، ظهرت تحديات حقيقية أمام وسائل إعلام محلية ودولية، خاصة تلك التي تبث من داخل المنطقة العربية، حيث ارتبطت في أذهان الجماهير بانتماءات أيديولوجية أو مصالح معينة. وخلصت الورشة إلى ضرورة ابتكار وسائل جديدة للوصول إلى الجمهور، دون الاصطدام بالأحكام المسبقة تجاه المؤسسات الإعلامية.
التضليل الرقمي وفقدان المصداقية
في ظل التحول الرقمي في العمل الإعلامي، انجرّت العديد من وسائل الإعلام والصحافيين إلى فخاخ التضليل، أحيانًا دون وعي. وتم التأكيد على أن المصداقية يجب أن تبقى المعيار الأساسي في الرسالة الإعلامية، حفاظًا على ثقة الجمهور واستمرارية التأثير.
الحاجة إلى توثيق الذاكرة الديمقراطية
شهد العقد الأخير، بعد الربيع العربي، نشوء جيل جديد من الشباب لا يعرف كثيرًا عن التجارب النضالية التي ساهمت في التحول الديمقراطي. من هنا، ظهرت الحاجة إلى توثيق هذه التجارب من خلال:
-
إنشاء متحف إلكتروني يوثق نضال مناضلي وشهداء الربيع العربي.
-
حفظ الذاكرة الديمقراطية كمصدر إلهام للأجيال القادمة.
نحو مظلة إعلامية لحماية الصحفيين ودعم الديمقراطية
ناقشت الورشة أيضًا التحديات التي يواجهها الصحافيون المنفيون أو المعارضون في الخارج، في ظل الاستبداد المنتشر في بلدانهم الأصلية. وشدّد المشاركون على الحاجة إلى:
-
إنشاء مظلة إعلامية تجمع الصحفيين الديمقراطيين.
-
توفير مساحة للتعاون، والتشبيك، والإنتاج الإعلامي المشترك.
-
الدفاع عن الصحافيين أنفسهم، بقدر ما يدافعون هم عن الديمقراطية.