تعبر مؤسسة المجلس العربي عن قلقها الشديد بسبب المعطيات المؤكدة التي بلغتها بخصوص قيام السلطات اللبنانية بترحيل عشرات اللاجئين السوريين بشكل قسري إلي سوريا، في إطار خطة خطيرة للحكومة اللبنانية تم الكشف عنها وتقضي بإعادة 15000 لاجئ إلى سوريا شهريا. وهي خطة نددت بها عديد منظمات حقوق الإنسان لكونها تنتهك القوانين والاتفاقيات الدولية .
حيث تأكد للمجلس العربي ترحيل ما يقارب ١٥٠ لاجئا سوريا الى سوريا بشكل قسري عبر معبر “المصنع” منذ يوم الأربعاء الواقع في ١٩ نيسان/ابريل ٢٠٢٣ إلى اليوم، بحجة عدم امتلاك أوراق اقامة في لبنان.
وقد انقطعت أخبار المرحلين تماما منذ دخولهم الى الأراضي السورية التي تخضع لسيطرة قوات الحكومة السورية، رغم أنهم جميعاً مسجلون لدى المفوضية الدولية للاجئين. هذا وقد تمت مداهمة منازلهم بالقوة، وتعرضوا لسوء معاملة انسانية في عدة مناطق منها: برج حمود – جبل الشوف – النبطية – جونية – اضافة الى وادي خالد في شمال لبنان. وتم توقيف أسر بكاملها من السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقد قام فريق مؤسسة المجلس العربي بتوثيق عدة حالات، مؤكدا نيته في استخدام كل الوسائل القانونية المتاحة لردع مثل هذا الفعل مستقبلاً.
وتنطوي سياسات الترحيل على انتهاك الحكومة اللبنانية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما فيه القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الالتزام المتعلق بمبدأ عدم الإعادة القسرية الذي اعترفت به لجنة الأمم المتحدة الفرعية المعنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان كإحدى القواعد العرفية. وهو ما أكدته أيضاً الجمعية العامّة للأمم المتحدة.
كما تشكل انتهاكاً لالتزامات لبنان بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، والتزامها أيضاً بالإعلان الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 1992 في المادة /8/ الفقرة الأولى، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2006 المادة /16/. كما تخالف قرار مجلس الأمن رقم /2254/ لعام 2015 في الفقرة /14/، الذي يقضي بأنّ عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم الأصلية يجب أن تكون طوعية وآمنة.
كما تتعارض هذه السياسات اللبنانية أيضاً مع الدستور اللبناني الذي ينص على أنه “يمكن تقييد حقوق الأجانب وحرياتهم الأساسية بموجب قانون متوافق مع القانون الدولي” والمواد المتعلقة في القانون اللبناني والتي تنص على أنه لا ينفذ قرار الترحيل في الحالات التالية: أ) أولئك الذين لديهم مؤشرات خطيرة على أنهم سيتعرضون لعقوبة الإعدام أو التعذيب أو المُعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة في الدولة التي سيتم ترحيلهم إليها.
وبناءً على ما ذكر، تدعو مؤسسة المجلس العربي الحكومة اللبنانية إلى:
الوقف الفوري والكامل لعمليات الإعادة القسرية والاعتقال والاحتجاز والترحيل التعسفي للسوريين تحت مُسمّى :العودة الطوعيّة”، أو “الترحيل وفق الإجراءات الإدارية”، والتقيّد التام بالتزامات لبنان الدوليّة وبالدستور اللبناني والحماية الدوليّة لحظر الإعادة القسرية.
الشروع بتحقيق عاجل في الانتهاكات الواردة في البيان حول عمليات الإعادة القسرية والترحيل والطرد والإكراه التي تمّت بحق السوريين، والتحقيق في الإجراءات الرامية إلى فرض أو خداع أو تزوير توقيع أو بصماتهم على استمارات «العودة الطوعية»، ومحاسبة الفاعلين.
السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإرسال مندوبين عنها إلى مراكز الترحيل للرقابة على إجراءات عودة السوريين، والتأكد من استيفائها لمتطلبات العودة الطوعية بأمان وكرامة وبإرادة حرة لا يشوبها أي شكل من أشكال الإكراه أو التهديد أو العنف.
ويدعو المجلس العربي المجتمع الدولي وأصحاب القرار إلى:
الالتزام بمتطلبات الاستجابة الدولية لأزمات اللاجئين واسعة النطاق بتوفير المساعدة المالية والنوعية دعماً للاجئين والدول المستضيفة ،وتقديم أشكال الدعم التي تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة, واستخدام إعادة التوطين من حيث فاعليتها واستدامتها كأداة لمشاركة العبء والمسؤولية.
الدعوة لمؤتمر دولي أو إقليمي للاتفاق على خطة طارئة لبرامج دعم للاجئين السوريين في دول الجوار للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية التي تعيشها هذه الدول عبر اقرار مساعدات عاجلة، وتمويل مشاريع تنموية تعود بالفائدة على اللاجئين السوريين والمجتمع المضيف, وإيجاد آليات رقابة أكثر كفاءة لعمليات تمويل وتنفيذ المشاريع لجهة حجم تأثير الإنفاق والمساءلة عن تحقيق النتائج
العمل على ضمان انتقال سياسي نحو بناء دولة ديمقراطية يسودها القانون في سوريا، استناداً لمرجعيّة جنيف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة, ما يُمهّد الطريق نحو عودة آمنة وطوعيّة للاجئين ,والتأكيد على أنّ أيّ تسويّة بدون تغيير سياسي تتجاهل أسباب النزاع ستولد نزاعات جديدة وتفاقم زعزعة استقرار المنطقة، وتسفر عن المزيد من موجات الهجرة جديدة.
عن المجلس العربي
الرئيس منصف المرزوقي

Share