دور الاعلام في صناعة وعي عربي جديد وبناء “شعوب المواطنين”
قبل ثورة الاتصالات والفضائيات كان العالم جزرا معزولة متحكم في أغلبها محليا عبر وسائل إعلام موجهة ومسيّرة وعبر سياسات بروباغندا إعلامية تصنع الوعي السياسي للجماهير في الاتجاه الذي يحدده أصحاب القرار السياسي. وبعد تلك الثورة بات العالم أشبه بقرية صغيرة تطوف فيها المعلومة أرجاء الأرض خلال بضع ثواني. وانهار في اغلب بلدان العالم احتكار السلطة وإعلامها الرسمي للمعلومة ومن وراءها لبناء وعي الجماهير.
وقد شهدت منطقتنا العربية حلول هذه الثورة في بداية التسعينات. وما فتئ الاعلام العربي منذ ذلك الوقت يتطور تقنيا. ولكن ذلك التطور لم يواكبه تطور في العقليات والمنظومات القانونية والثقافية والقيمية وفي مؤسسات المجتمع المدني، على عكس ما حصل في البلدان الغربية. مما جعل أغلب بلدان المنطقة تستقبل الثورة الإعلامية بكل المخزون الكريه للماضي من رقابة وتوجيه وتسييس مفرط وتلاعب بعقول المواطنين وتأجيج للتقسيمات السياسية والطائفية.
وقد أدّت تلك السياسات الإعلامية المتخلفة الى فقدان الثقة بين الشعوب العربية ومؤسساتها الإعلامية التي فشلت في مواكبة التغييرات الاجتماعية والتأثير عليها إيجابيا ولم تنجح في الوظائف التثقيفية والترفيهية، عدى مؤسسات قليلة نجحت في الاقتراب نسبيا من الضمير الشعبي العربي بجرعات من الحرية والمهنية والجرأة والتجديد.
وعندما حلت الثورة الإعلامية الثانية، الثورة الرقمية، تبين بوضوح مدى الفجوة بين المواطن العربي واغلب وسائل الاعلام المدعومة حكوميا والخاصة في المنطقة، حيث لم يتأخر العرب هذه المرة في ركوب موجة منافذ الاعلام البديل المتمثّلة في منصات التواصل الاجتماعي بكل تعدديتها من فيسبوك وتويتر ويوتوب وانستغرام وواتس اب وغيرها من المنصات التي يختلط فيها الحق بالباطل والخبر بالإشاعة والموجات الإيجابية بالاستراتيجيات الخبيثة.
ولا شك أن هذا المتغير النوعي في المشهد ساهم في احداث نقلة نوعية في الوعي السياسي للإنسان العربي في وقت وجيز، وأثر كثيرا في الأحداث في المنطقة بما في ذلك المساهمة في تأجيج الثورات العربية. ويساهم اليوم في بناء جيل جديد بوعي مختلف عن الأجيال السابقة، جيل متحرر من الكثير من القيود السياسية والأيديولوجية والقيمية.
وحيث أن الهدف الرئيسي لمؤتمرنا هو العمل على تحديد الشروط الرئيسية للانتقال بجماهير منطقتنا من “شعوب رعايا” الى “شعوب مواطنين”، فسيكون مطلوبا من هذه الورشة التي تضم نخبة من خيرة الإعلاميين في المنطقة التفكير في كيفية تعزيز دور الاعلام العربي التقليدي والرقمي في بناء “شعوب المواطنين” وتطوير الوعي السياسي للمواطن العربي والتأثير الإيجابي في الرأي العام.
ونقترح على الورشة بعض الأسئلة المحورية:
– ما هي معالم الرسالة التي يتوجب على الاعلام العربي الهادف تبنيها من أجل مزيد التأثير الإيجابي على الانسان العربي؟
– كيف يمكن متابعة التطورات المتسارعة في التكنولوجيا الإعلامية واستثمارها من أجل مزيد تطوير الاعلام العربي وتحرير المواطن؟
– كيف يمكن التصدي لغرف العمليات المشبوهة التي تريد ابقاء الاعلام العربي تحت وطأة لوبيات المال وفي خدمة الأجندات الخارجية التي تريد إعاقة مسار التغيير الإيجابي في المنطقة؟
– كيف يمكن خلق ديناميكية تنسيق وتعاون بين المؤسسات والمنابر الإعلامية والمدونين الأحرار لدعم مسارات التغيير في المنطقة؟
– هل من أفكار ومبادرات للعمل على تحسين صورة العربي والمسلم في الاعلام الغربي وكسر سطوة لوبيات الاعلام الكبرى المعادية تدريجيا؟