في 15 يناير 2011، وقفتُ بفخر وإلى جانب رفاقي اليمنيين، رجالًا ونساءً، ضد دكتاتورية علي عبد الله صالح. بعد مرور عشر سنوات، وبعد انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران وتدخل تحالف بقيادة السعودية، تعطلت أحلام الديمقراطية في اليمن جراء حرب إقليمية بالوكالة.
ما كان يجب أن يكون الوضع على هذا النحو. لقد اقترفت الولايات المتحدة خطأ أن أعطت الضوء الأخضر لتدخل الرياض في اليمن والتسبب بقتل مئات الآلاف. ومما ضاعف من ذلك الخطأ القرار بتقديم الأسلحة والدعم العسكري الأمريكي للسعودية. لهذا السبب سعدت كثيراً بسماع الرئيس بايدن أثناء حملته الانتخابية وهو يشير إلى تحول كبير سيتم بهذا الصدد. لقد أصاب في وصفه السعودية بـ “المنبوذة” وذكر على وجه التحديد أن موقفه “الواضح للغاية” هو أن إدارته ستوقف مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية. قد تأتي الفرصة الأولى لبايدن للوفاء بوعده في اليوم الثاني من رئاسته.
في الشهر الماضي، أخطرت إدارة ترامب الكونغرس بأنها تنوي بيع أسلحة للسعودية بقيمة 500 مليون دولار، معظمها قنابل دقيقة التوجيه ومن المرجح أن تُستخدم لإلحاق الموت والدمار بالشعب اليمني في وقت معاناتنا على أشدها. وما لم تتحرك إدارة بايدن أو الكونجرس، فإن صفقة بيع الأسلحة للسعودية قد تتم في 21 يناير.
لا توجد مشكلة في اليمن أو السعودية الآن حلها يكون عبر مزيد من القنابل. إن السعودية هي بالفعل أكبر مستورد للأسلحة في العالم، ونظامها استخدم هذه الأسلحة لارتكاب جرائم حرب في الخارج ومواطنوه في الداخل يتعرضون لقمع مروع. إن المزيد من القنابل في اليمن لن يساعد الملايين الذين يعانون من الجوع والفقر والمرض. وعوضاً عن إراقة المزيد من الدماء، اليمن بحاجة إلى السيادة والاستقلال لحل هذه القضايا من قبل اليمنيين ومن أجلهم وبواسطتهم، ولن يتأتى هذا لليمن إلا إذا توقفت الولايات المتحدة ومعها المجتمع الدولي عن تسليح هذه الحرب الخطيرة.
تحتاج إدارة بايدن إعادة الولايات المتحدة كمنارة للديمقراطية التي يفترض أنها تمثلها. وتحتاج أن تكون الإدارة التي تدين الحكومات الاستبدادية وتدافع عن حقوق الإنسان بدلًا من مغازلة الديكتاتوريين وغض الطرف، كما رأينا خلال السنوات الأربع الماضية في عهد الرئيس دونالد ترامب، عن مطالب المواطنين بإصلاحات ديمقراطية وبالحقوق الأساسية.
من هذه الزاوية الهامة، يستحق اليمن أن يحتل صدارة النقاش، فبدعم الولايات المتحدة يستطيع الشعب اليمني استعادة المساحة التي يحتاجها لمستقبل ديمقراطي هو أول ما ناضلنا من أجله قبل عقد من الزمان. إن بيع القنابل دقيقة التوجيه من شأنه أن يقوض ما جاهد شعبي بشدة لأجله. لكن هذا ليس كل ما يجب القيام به لدعم الشعب اليمني.
أثناء تدخل السعودي في اليمن ساد التطرف، حيث سمحت السعودية ومعها الإمارات للجماعات الإرهابية مثل القاعدة بترسيخ قدم لها في اليمن مما تسبب في شروخ سيكون لها عواقب طويل المدى. في غضون ذلك، استغلت إيران التدخل السعودي لكسب المزيد من النفوذ عن طريق الحوثيين.
كلف هذا التدخل الأجنبي في اليمن شعبنا ثمناً باهضاً، فبعد سنوات من الحرب والاحتلال والمعارك بالوكالة هناك اليوم 20 مليونًا من رجال ونساء بلدي يعانون من انعدام الأمن الغذائي الى جانب 10 ملايين معرضون لخطر المجاعة، في حين أن 80 في المائة تحت خط الفقر.
على إدارة بايدن، بدلاً من بيع الأسلحة للسعودية، الضغط على السعوديين لإنهاء الحرب وإبقاء الموانئ مفتوحة لتجنب أزمة أخرى لميناء الحديدة، وتقديم المساعدة اللازمة، بما في ذلك ما يتعلق بفيروس كورونا والكوليرا، إلى السكان الذين يعانون من الجوع والمعاناة.
كما يتعين على إدارة بايدن ممارسة أقصى قدر من الضغط على الحوثيين للتراجع عن انقلابهم والعودة إلى ما اتفق عليه اليمنيون سابقًا في مؤتمر الحوار الوطني، والضغط على إيران لكف تدخلها في اليمن والتوقف عن إمداد الحوثيين بآلات الدمار والموت.
لقد أظهر الكونجرس -والشعب الأمريكي- بالفعل تأييدهم الساحق لإنهاء مبيعات الأسلحة للسعودية وإنهاء الحرب في اليمن بالرغم من استخدام ترامب لحق النقض. وعلى بايدن الاستفادة من الزخم في الكونجرس لتقنين هذه القرارات من الحزبين ووضع حد دائم لمبيعات الأسلحة التي لا طائل منها والحرب التي لا نهاية لها في اليمن.
اليمنيون لديهم تاريخ محط فخر ومسالم ويحلمون بمستقبل أكثر إشراقًا، وما على بايدن الآن إلا أن يفي بوعده بإنهاء الحرب والتوقف عن الدعم الأعمى للنظام السعودي الذي تلطخت يديه بالدماء ووقف إتمام صفقة الأسلحة الأخيرة. حان الوقت لطي الصفحة.