عقد المجلس العربي ورشة حول استخلاصات تجارب الحوار السياسي في البلدان العربية وشروط نجاح دعوات الحوار المتزامنة هذه الايام في عدد من تلك الدول بمشاركة فاعلين سياسيين شاركوا في مسارات الحوار السابقة وباحثين.

وانطلاقا من مخرجات هذه الورشة يهم المجلس العربي أن يوجه جملة من الاستخلاصات والتوصيات لكل الفاعلين المعنيين بمسارات الحوار سواء كانوا في السلطة أو الموالاة أو المعارضة، حتى يتم تحويل الدعوات إلى الحوار إلى فرص جدية للوصول الى توافقات حقيقية، وحتى يتوقف التعامل مع الحوار بمنطق المناورة والتحيل وكسب الوقت وارضاء الخارج بغرض تجديد الشرعية المهترئة وتوزيع حمل الأزمات الكبرى على الجميع.

ويعتبر المجلس العربي أن الدعوات للحوار لا يمكن أن تكون جدية وذات مصداقية إلا إذا كانت مقرونة بالاعتراف المتبادل كأمر واقع، وبالقبول بمنطق العيش المشترك بين ابناء البلد الواحد، وتجاوز نزعات الاحتكار لقضايا الوطن، وإلا إذا شملت الخصوم والأعداء والمخالفين وليس فقط الأصدقاء والموالين، وإلا إذا ما ترافقت بخطوات لتخفيف الاحتقان وإبراز حسن النية مثل إطلاق سراح المساجين السياسيين وايقاف الحملات الاعلامية المتبادلة.

ويؤكد المجلس على أن من شروط نجاح أي حوار أن يكون شاملا واندماجيا يشمل مختلف قوى البلاد الحية ويتيح فرصة إبداء الرأي للجميع، وأن يتم تحديد جهة ذات مصداقية للاشراف عليه إما محايدة على نفس المسافة من كل المشاركين في الحوار أو تعددية تضمن تمثيل كل المعنيين بالحوار، ويتم تمكينها من الامكانيات اللازمة والصلاحيات الكفيلة بضمان إلزام مخرجات الحوار لمؤسسات الدولة وكل الأطراف.

ويشدد المجلس على ضرورة رفض إقحام أي جهات أجنبية في عملية الحوار الوطني حتى لا يخرج مسار الحوار ومخرجاته المنتظرة من إرادة الشركاء في الوطن إلى مآلات موازين القوى بين مختلف القوى الاقليمية والدولية المتصارعة على النفوذ والمصالح في المنطقة.

ويدعو المجلس العربي قوى المعارضة والفاعلين السياسيين ومكونات المجتمع المدني في البلدان المشمولة بمسارات الحوار الوطني إلى استباق الحوار مع الأنظمة بحوارات فيما بينها بعيدا عن عقلية الاقصاء والاستقواء والاستعداء بغرض تنسيق المواقف والالتفاف حول مطالب واضحة حتى يكون موقفها في الحوار مع الأنظمة أكثر قوة وتأثيرا وحتى تتغلب على مناورات التقسيم وشق الصفوف. كما يدعوها إلى رفض مقايضة تطلعات الشعب ومصالحه بأي عروض لتقاسم السلطة أو المكاسب مع الأنظمة القائمة.

ويؤكد المجلس العربي في النهاية أن من واجب قوى البلاد الحية رفض المشاركة في أي حوار لا تتوفر فيه هذه الشروط، لأن المشاركة دون توفر ضمانات المصداقية والجدية تعني المساهمة في تجديد الشرعية المتآكلة للنظام داخليا وخارجيا وإخراجه من أزماته والمشاركة في التحيل على الشعب.
عن المجلس العربي
الرئيس محمد المنصف المرزوقي

 

Share